أهمية التحكيم :
في غضون الربع الأخير من القرن العشرين ؛ اكتسب التحكيم قبولاً عالمياً كوسيلة مثلى لفض النزاعات ، وتم تشريع القوانين التي تنظم التحكيم في أغلب دول العالم ، وتم إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية التي تنظم التحكيم وأهمها اتفاقية نيويورك لعام 1958 ، كما تم مؤخراً إدراج التحكيم ضمن المواد التي تدرس في عدد من كليات الحقوق على مستوى العالم . وفي ظل تحديات العولمة والنمو المطرد للعلاقات التجارية الدولية ازدادت أهمية التحكيم باعتبار تميزه عن القضاء من نواح عدة أهمها سرعة الإجراءات ومرونتها وسريتها وانخفاض التكلفة ووضع استمرار العلاقات بين الأطراف .
ولقد صار من المسلم به أن التحكيم هو أفضل وسيلة لفض النزاعات ، فإذا ما احتدم الخلاف في المعاملات المدنية والتجارية فإن الحل الأمثل هو اللجوء إلى الوسيلة الأسرع والأقل تكلفة لفض النزاع . وقد أثبتت التجربة العملية أن اللجوء إلى القضاء بما يترتب عليه من بطء في الإجراءات وتكدس القضايا وعدم الفصل فيها لسنوات في كثير من الأحوال . الأمر الذي يترتب عليه بالضرورة تفاقم حدة الخلاف بين الطرفين ، وخسائر مالية باهظة للرابح والخاسر ؛ الأمر الذي أصبح بالامكان تفاديه بكل سهولة ويسر عن طريق اللجوء إلى التحكيم.
فالتحكيم باعتبار ما يتميز به من سرعة وسهولة وانخفاض التكاليف قد أصبح الوسيلة المثلى التي فرضها العصر لمواكبة طبيعة سرعة النشاط التجاري. الأمر الذي أصبح معه التحكيم الخيار الأمثل للدول وللشركات الكبرى لحل وتسوية نطاق واسع من الخلافات التجارية .
التحكيم في مصر :
إن مصر ؛ باعتبار ريادتها التاريخية للتطور القانوني في منطقة الشرق الأوسط ، من أفضل الأماكن التي شهدت نمواً كبيراً للتحكيم التجاري الدولي في المنطقة ، وذلك لعدة أسباب ، أهمها موقعها المتميز باعتبار تمركزها بين الشرق والغرب . وحضارتها التي استطاعت معها أن تكون مركزاً لجذب الاستثمارات الدولية . فضلاً عن توفر أعداد لا تحصى من العلماء والخبرات القانونية الذين كانوا دائماً وأبداً نبراساً يشع النور في العالم العربي . وبالتالي فإن مصر تضم في رحابها عدد ضخم من الخبراء والمهنيين والمتخصصين في مختلف المجالات . ومن ثم فهي تجمع بين الخبرات القانونية وغير القانونية من المحكمين والمحامين والاستشاريين والخبراء في شتى المجالات والقادرين على التصدي لكافة النزاعات . ومن الجدير بالذكر أن مصر كانت من أوائل الدول المصدقة على اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ، والتي نظمته في تشريعاتها المتعاقبة انتهاءً بقانون التحكيم الحالي رقم 27 لسنة 1994.
الغرفة المصرية للتحكيم التجاري الدولي :
الغرفة المصرية للتحكيم التجاري الدولي ” ، هي مؤسسة تحكيم دولي مستقلة دائمة ، تقوم بفض المنازعات وتقديم خدمات التحكيم طبقاً لنظام التحكيم المعتمد والساري لديها اعتباراً من أول أبريل / نيسان 2013 . وتقوم الغرفة ، في سبيل التوعية بجدوى التحكيم ، بتنظيم ندوات ومؤتمرات وبرامج تدريبية يحاضر فيها صفوة من أساتذة القانون بالجامعات المصرية وتستهدف الفئات المعنية بالتحكيم خاصة القانونيين والمهن الهندسية والمحاسبية . وذلك لتأهيل نخبة من المحكمين الأكفاء الملمِّين بأصول وإجراءات التحكيم الدولي . وتشمل أنشطة الغرفة الإشراف على إجراءات التحكيم ، وتعيين المحكمين واختيار مكان التحكيم وتحديد أتعاب المحكمين . وتقوم الغرفة في سبيل ذلك باختيار أفضل وأكفأ المحكمين . كما تحتفظ بالمعلومات اللازمة عن المحكمين من مختلف الجنسيات ومؤهلاتهم القانونية. و تحتفظ كذلك بقوائم للخبراء المميزين في مجالات تخصصهم و للمترجمين من وإلى لغاتٍ شتى .
مميزات التحكيم :
نظراً لبطء التقاضي أمام المحاكم المدنية وارتفاع كلفته ، ظهرت أهمية اللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات باعتباره وسيلة سريعة غير مكلفة بالمقارنة بإجراءات التقاضي ومراحله المطولة .
فعن طريق التحكيم يستطيع الأطراف اختيار المحكمين ومن ثم فإنهم يستطيعون اللجوء إلى من يثقون في كفاءتهم ونزاهتهم وحيادهم عند حل النزاع ، كما يستطيع الأطراف تحديد إجراءات التحكيم إلى حد كبير ، فضلاً عما يصاحب التحكيم من سرية قد تفضل في كثير من الأحيان علنية النزاع وإجراءاته أمام القضاء ولهذه السرية دور كبير في استمرار المعاملات بين الأطراف بعد صدور حكم التحكيم . وفضلاً عن ذلك فإن الأطراف يستطيعون تحديد المدة التي يجب أن يحسم خلالها النزاع ، ويعد حكم التحكيم يعد حال صدوره ملزماً نهائياً وباتاً ، وهو ما يؤدي إلى الحد من أمد المنازعة إلى حد كبير .
شرط تحكيم نموذجي :
” جميع الخلافات التي تنشأ عن هذا العقد أو التي لها علاقة به بأي وجه من الوجوه ، يتم الفصل فيها نهائياً وفقاً لنظام التحكيم التابع للغرفة المصرية للتحكيم التجاري الدولي عن طريق محكم أو عدة محكمين يتم تعيينهم طبقا لهذا النظام”.
شرط تحكيم نموذجي يشمل الإجراءات الوقتية أو التحفظية :
” جميع الخلافات التي تنشأ عن هذا العقد أو التي لها علاقة به بأي وجه من الوجوه ، بما في ذلك طلب اتخاذ أي من التدابير الوقتية أو التحفظية أثناء سير إجراءات التحكيم أو قبل انعقادها، يتم الفصل فيها نهائياً وفقاً لنظام التحكيم التابع للغرفة المصرية للتحكيم التجاري الدولي بواسطة محكم أو عدة محكمين يتم تعيينهم طبقا لهذا النظام”.
* وتنوه الغرفة المصرية للتحكيم التجاري الدولي بأنه من الأفضل تضمين اتفاق التحكيم بيان القانون واجب التطبيق على العقد ومكان التحكيم ولغته .